.تقييم المخاطر الإشعاعية.

تقييم المخاطر الإشعاعية

تقييم المخاطر الإشعاعية

عندما يصل إلى مسامعنا كلمة الإشعاع أو الفحوصات الإشعاعية الطبية يتبادر لدى أغلب الناس وأيضاً من بعض العاملين في مجال الأشعة صورة نمطية عن تأثير ومخاطر الإشعاع، فتجد غالبية المرضى عند تحويلهم من العيادات الطبية إلى قسم الأشعة لعمل فحص الأشعة السينية أو فحص الأسنان باستخدام أشعة البانوراما يتحدثون عن تأثيرات الإشعاع على جسم الإنسان، مثل: الأمراض السرطانية والتأثيرات الجانبية للأعضاء التناسلية وتشوهات الأجنة وغيرها، مثل تلك الأعراض التي حدثت للعاملين في المفاعل النووي –تشرنوبل- عند حدوث الكارثة الشهيرة في سنة 1986 م والتي راح ضحيتها الآلف من البشر؛ مما تسبب في حدوث ضرر شامل للبيئة والكائنات الحية الأخرى. وهذا الحادث يلفت الانتباه إلى أن مخاطر الإشعاع ليست في مستوى خطورة واحدة، بل توجد أنواع ذات مخاطر عالية ومتوسطة وأخرى تعد منخفضة المخاطر.

ومما ينبغي معرفته جيداً هو أن المستشفيات والعيادات الطبية التي تحتوي على مصادر للإشعاع الطبي التشخيصي تخضع لما يسمى بتقييم وإدارة المخاطر (منخفض-متوسط-عالي) الخطورة، وذلك حسب نوع وطاقة الإشعاع. فمن غير المنطقي معاملة الأشعة السينية التي تستخدم في أقسام الأشعة الطبية التشخيصية من ناحية مقدار الخطورة وإجراءات السلامة كمعاملة المصادر الإشعاعية الأخرى التي توجد في المفاعلات النووية وأقسام العلاج الإشعاعي وحتى أقسام الطب النووي. حيث تختلف تأثيرات الأشعة على جسم الإنسان حسب تقييم المخاطر لهذه الأشعة، وأيضا تختلف إجراءات وتعليمات السلامة الإشعاعية حسب مقدار الخطورة ونوع بيئة العمل.

وللمعلومية يوجد الكثير من مصادر الإشعاع -غير الإشعاع المستخدم في الأقسام الطبية التشخيصية- مثل الإشعاع الطبيعي القادم من مصادر كونية وأرضية، والتي يتعرض لها عموم البشر باستمرار ولا تسبب أي تأثيرات تكاد تذكر على جسم الإنسان، إلا في بعض الحالات النادرة جداً وعند تراكيز معينة ولفترات طولية. فمثلاً الإشعاع الكوني القادم من الفضاء الخارجي وتحديداً الشمس، والذي يصل إلى الأرض بعد حدوث الكثير من التفاعلات مع العناصر في الغلاف الجوي حيث يعد الغلاف حاجز وقاية -درع- يقلل من كمية الإشعاع الكوني، ويبلغ معدل الجرعة من الأشعة الكونية عند ارتفاع 3 كلم عن سطح البحر إلى 1 ملي سيفرت في السنة. كما يوجد مصدر آخر للإشعاع الطبيعي وهو إشعاع مصدره تكوينات القشرة الأرضية، حيث تحتوي بعض الصخور والأتربة الموجودة في طبقات الأرض على كميات صغيرة من العناصر المشعة، مثل: اليورانيوم، والثوريوم، ويعتمد تراكيز هذه المصادر على الموقع الجغرافي وعلى نوعية الصخور، ويصل متوسط الجرعة في بعض المناطق إلى 0.35 ملي سيفرت في السنة، وفي بعض المناطق يزداد معدل الجرعة عدة أضعاف هذه القيمة.

 

أما بالنسبة للأضرار الناتجة عن التصوير الطبي التشخيصي بالأشعة، مثل الفحوصات التي يعملها المريض عند زيارة عيادة الأسنان أو عند عمل فحص لتصوير الثدي وغيرها من الفحوصات، فيعتبر التشخيص الطبي الإشعاعي من الوسائل الآمنة بالنسبة للمريض والضرر منه قليل جداً مقارنة بالفوائد الكبيرة التي يستفيد منها المريض، وذلك لدقة الأجهزة الطبية الحديثة مع ميزة عمل الفحص في وقت زمني قصير جداً. خصوصاً عند وجود مختص بالسلامة الإشعاعية والفيزياء الطبية، يقوم بالتأكد من تطبيق جميع معايير السلامة الإشعاعية، مثل: اختبارات ضبط الجودة لأجهزة التصوير الطبي، وعمل فحوصات مسح التسرب الإشعاعي لغرف الأشعة، وتوفير أدوات الوقاية من الإشعاع. ولأخصائي الأشعة المؤهل دورٌ هامٌ في حماية المريض من الإشعاع، وذلك عن طريق تطبيق أفضل الممارسات الطبية عند فحص المريض.

وختاماً، تجدر الإشارة إلى أن أغلب الأعراض التي قد تصيب المريض عند عمل الفحوصات الإشعاعية التشخيصية؛ قد يرجع سببها إلى استخدام الصبغات عند عمل بعض الفحوصات، حيث تظهر عند بعض الأشخاص أعراض بسيطة مؤقتة مثل: الحساسية، كالغثيان والحكة وضيق في التنفس، أما عن تأثير الإشعاع على جسم الإنسان في التشخيص الطبي فهو نادر جداً.

 

 

 كاتب المقال : صالح محمد العجلاني

مسؤول السلامة الإشعاعية - أخصائي الفيزياء الطبية

مصادر :-

المدخل إلى الحماية الإشعاعية. / محمد إبراهيم الجارالله. الرياض، 1432 هـ

مجلة حمايتي من الإشعاع. / وزارة الصحة. العدد الثاني، 2019 م